بعد أقل من شهرين على تولّيه سلطاته الدستورية، كان جلالة الملك عبدالله الثاني في 28 نيسان 1999 بين أبناء معان في أول زيارة شعبية يقوم بها للمدينة التي شهدت النواة الأولى لبناء الدولة الأردنية، وأعلن حينها تأسيس جامعة في معان، ومنحها اسم الملك الراحل الحسين بن طلال.

كان الحلم بأن يكون في معان جامعة يراود أبناءها منذ أجيال، ومنذ ذلك الوقت شكّلت جامعة الحسين بن طلال محور التنمية والتحديث والتغير الاجتماعي والثقافي في المنطقة، وهي أول مشروع كبير تشهده المدينة منذ إنشاء محطة سكة حديد الخط العثماني في عام 1904.

بقيت معان وجوارها تواجه تحديات تنموية لعقود طويلة، ومن هذا المنطلق كان جلالته على إدراك تام بأن التعليم والتنمية هما مصدر التغيير الإيجابي وضمان الاستقرار وسيادة القانون، وكانت معان على رأس أولويات برنامج تنمية المحافظات الذي أطلقه جلالة الملك في بداية حكمه.

وشهدت معان استثمارات نوعية في الطاقة الشمسية، إذ دُشِّن فيها أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في المملكة وثاني أكبر محطة في الشرق الأوسط، ويضم المجمع الأول 9 مشاريع باستطاعة توليدية تبلغ 165 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، بحجم استثمار بلغ 500 مليون دولار، كما تم إنجاز البنية التحتية للمجمع الشمسي الثاني. وشهدت شركة الفوسفات الأردنية، خامس منتج للفوسفات في العالم، توسعا كبيرا في مناجمها في منطقة الشيدية بالقرب من معان وأصبحت تستقطب المئات من العاملين من أبناء المدينة.

بعد ربع قرن من التنمية والتحديث تحولت معان إلى مدينة تنتشر فيها عشرات المشاريع التنموية، وتضاعف عدد سكان المدينة من 30 ألفا في عام 2000 إلى حوالي 75 ألفا في عام 2023، بينما كان عدد سكان المدينة يشهد تناقصا في الربع الأخير من القرن العشرين، بحسب دائرة الإحصاءات العامة.

أخذت المدينة تنهض اجتماعيا واقتصاديا بفعل مبادرات أبنائها ونشاطهم الاقتصادي؛ فقد نشطت حركة الاستثمار المحلي، وامتدت الحركة العمرانية للمدينة التي أخذت تتوسع باتجاه الغرب والشمال بشكل كبير، وانتشرت المجمعات السكنية الجديدة والمجمعات الطبية والأسواق الحديثة. ورافق هذا التطورَ مظاهرُ تحديث اجتماعي وثقافي واسع؛ فقد أصبح للنساء حضور مؤثر في المجتمع وفي مراكز صنع القرار، وهناك العشرات ممن أُوفدن إلى جامعات غربية وأكملن دراساتهن العليا فيها، ونشط شباب معان، وأصبح نادي معان الرياضي يلعب في دوريّ كرة القدم الأردني للمحترفين وفي الدوري الممتاز وينافس على "كأس الأردن".