كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال حفل تسليم جائزة مصباح السلام للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس

18 كانون الأول 2021

كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال حفل تسليم جائزة مصباح السلام للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس

(مترجم عن الإنجليزية)
(عبر الاتصال المرئي)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الأب موروني،
الكاردينال باسيتي،
السيد الأمين العام،
أصدقائي،

تحمل جائزة مصباح السلام قيمة مضاعفة، فمن يتشرف بنيلها، عليه أيضا أن يسلمها لمن ينالها من بعده، في تجسيد رمزي لأهمية أن نجزي بما نُمنح، خدمة للسلام، وتعزيزا لروابطنا الإنسانية، وتنفيذا للتعاليم المشتركة بين الأديان. لذا يسعدني أن أشارك معكم في تسليم مصباح السلام لرجل كرس نفسه لخدمة الآخرين، وأفخر بصداقته، وهو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.

السيد الأمين العام،

لقد انتظرنا هذا اليوم طويلا، فقد أخرت الجائحة العالمية هذه الفعالية لنحو عامين؛ إذ وجد عالمنا نفسه خلال هذه الفترة أمام تحدي العمل سوية والبحث عن حلول، ومساعدة من يملك القليل، أسوة بمن يملك الكثير.

وحتى اليوم، اضطررنا أن نشارك عن بعد في هذا الحفل بفعل الأثر المستمر للجائحة. وفي الوقت نفسه، هناك أخطار أخرى تستدعي اهتماما جادا، مثل الصراعات الإقليمية ذات التأثير الدولي، وأزمة اللجوء العالمية، وتهديد العنف المتطرف والكراهية، وأزمة التغير المناخي الملحة. إن حياة أطفالنا والأمل بمستقبلنا يعتمدان على ما نتخذه من إجراءات الآن.

أصدقائي،



تلك الرسالة كانت ولا تزال هي النداء المستمر للأمين العام، يحث بها عالمنا على المضي قدما وتكريس القيم المشتركة للسلام والعدل والرحمة والاحترام المتبادل. وحتى قبل توليه منصب الأمين العام بفترة طويلة، كان ينادي بهذه القيم في مدينته لشبونة، وبلده البرتغال، وفي الاتحاد الأوروبي، وحول العالم.

وحين كان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، دأب بلا كلل على التعامل مع تصاعد أزمة اللجوء العالمية، ومد يده لمساعدة اللاجئين برحمة وتعاطف. وقد كانت لي الفرصة أن أشهد شخصيا اهتمامه أيضا بالتضحيات الهائلة التي تقدمها المجتمعات المستضيفة في بلدان كالأردن.

وعندما انتُخب أمينا عاما للأمم المتحدة، جاء لهذا المنصب يحمل فهما عميقا لأهمية العمل المشترك في مواجهة القضايا الحرجة، وحذر من التهديدات التي تواجه وحدتنا مثل الجهل والكراهية والاستقطاب.

وهو بالطبع صانع سلام حقيقي، ففي منطقتي في الشرق الأوسط، لطالما كان الأمين العام ثابتا في دعمه للحلول السياسية للنزاعات، بما فيها حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو السبيل الوحيد نحو مستقبل من الأمن والسلام للجانبين. ويمثل الأمين العام صوتا قويا للالتزام بالقانون الدولي وحماية القدس والحفاظ على الأمن والوضع التاريخي والقانوني القائم في مقدساتها.

أصدقائي،

يوصينا الإسلام بالإحسان، للجار القريب كما للبعيد، وللصديق المقرب كما لعابر السبيل. هذه التعاليم جزء من كل الأديان، وتتجلى في صفات الرجل الذي نكرمه اليوم، فإنه لمن حسن حظ عالمنا أن يكون هناك أمين عام للأمم المتحدة بهذا القدر من التعاطف والرؤية، والذي يدافع عن القيم المشتركة بيننا. يسعدني أن أسلّم مصباح السلام لصديقي العزيز.