مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع برنامج Face the Nation على شبكة سي بي إس الأمريكية

19 نيسان 2020

مارغريت برينان: من أكثر السكان عرضة للتأثر بانتشار فيروس كورونا، 26 مليون لاجئ حول العالم، فهم في معظم الأحيان يسكنون في مناطق مكتظة وليس لديهم القدرة على الوصول إلا للخدمات والمرافق الصحية الأساسية. انتشار الفيروس بينهم قد يكون كارثيا. يستضيف الأردن أكبر مخيم للاجئين السوريين في العالم. ينضم إلينا الآن ملك الأردن، جلالة الملك عبدالله الثاني. صباح الخير جلالة الملك.
 
جلالة الملك: صباح الخير مارغريت.
 
برينان: التباعد الاجتماعي أشبه بالمستحيل بالنسبة للاجئين. كيف تخططون للحد من انتشار الفيروس؟
 
جلالة الملك: نحن اتخذنا إجراءات في وقت مبكر جدا، وساعدنا ذلك على تسوية المنحنى "تخفيض عدد الإصابات"، والتغلب على سرعة انتشار الفيروس بشكل جيد. قمنا باتخاذ تدابير صارمة، أغلقنا حدودنا واتخذنا إجراءات للغلق وإنشاء مناطق للحجر الصحي والعزل في البلاد بأكملها، ولكننا الآن بصدد التخفيف من هذا الغلق بشكل تدريجي. أما التحدي بالنسبة لموضوع اللاجئين، فهم يشكلون حوالي 20 بالمائة من السكان ومعظمهم خارج المخيمات وهذا تحد، ولكننا نعامل كل الأشخاص داخل حدودنا سواء من الأردنيين أو اللاجئين بالطريقة نفسها. ساعدتنا فحوصات الكشف المكثفة عن الفيروس على معرفة التحديات التي تواجهنا، ولكن، بالتأكيد، بالنسبة لبلد يزداد عدد سكانه بما نسبته 20 بالمائة من اللاجئين، فإن ذلك يشكل تحديا كبيرا في المستقبل.
 
برينان: إذن، بما أن هناك لاجئين خارج المخيمات، ما هو تصوركم لمدى انتشار الفيروس ضمن مجتمعات اللاجئين؟
 
جلالة الملك: مرة أخرى، نحن نقوم بفحوصات عشوائية وموجهة في جميع أنحاء البلاد. طبيعة السكن في مخيمات اللاجئين تضع الناس على مقربة من بعضهم البعض، وهذا شيء تداركناه مبكرا. نقوم بالكثير من فحوصات الكشف عن الفيروس. وإجراءات الغلق والحجر الصحي ساعدت الأردن على تسوية منحنى انتشار المرض "تخفيض عدد الإصابات" بشكل سريع نسبيا. عدد الحالات المشخصة لدينا خلال الأسبوع الماضي كان أقل من عشرة أشخاص يوميا، ومعدل تشخيص الحالات لدينا حوالي 15 حالة أسبوعيا تقريبا. لهذا، الوضع لدينا تحت السيطرة وضمن قدرات مؤسساتنا الصحية والطبية. ولكن، مرة أخرى، هناك دوما احتمالية وجود فجوة لم تكشف بعد، وبالتالي، فإن فحوصات الكشف عن الفيروس بشكل موسع هي ما نعتمد عليه للحصول على أرقام صحيحة.
 
برينان: هذا وباء عالمي، وقد دعت الأمم المتحدة لاستجابة عالمية، ولكن، وبصراحة، أوروبا تعاني في صراعها مع الفيروس كما هي الولايات المتحدة. والرئيس الأمريكي أوقف للتو، أو جمد على الأقل، تمويل منظمة الصحة العالمية. من برأيك قادر على قيادة استجابة عالمية؟
 
جلالة الملك: أعتقد أن هذا الوباء هو تحد فاجأ الجميع بحجم تداعياته وانتشاره، ولا أحد يمتلك الاستجابة المثالية. فلكل بلد طريقة مختلفة في التعامل معه، ولكل مجتمع خصوصيته ولكل بلد تحدياته. أعتقد أن السؤال الذي تلمحين إليه: أين سنكون بعد أربعة أو حتى ستة أشهر أو عام من الآن؟ هل سندرك أن هذا العالم الذي نعيش فيه هو عالم جديد؟ هذا المرض أو الفيروس عابر للحدود، إنه عدو خفي يمكنه أن يستهدف البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء ولا يعترف باختلاف الأديان والعقائد والأعراق. إن لم نعمل معا، لن نستطيع التغلب عليه كما ينبغي. أعداء الأمس، أو البلدان التي لم تكن صديقة بالأمس، سواء أعجبنا ذلك أم لا، أضحت شريكة اليوم. وأعتقد أننا، كزعماء وسياسيين، كلما أدركنا ذلك بشكل أسرع، نجحنا بالسيطرة على الأمور بشكل أسرع. نحن لسنا قلقين بسبب فيروس كورونا فحسب، بل نحن نفكر فيما ستجلب لنا الأيام في الأعوام 2021 و2022 و2023. هل سنكون مستعدين للمواجهة التالية؟ هذا ليس ممكنا دون أن نساعد بعضنا البعض.
 
برينان: قال صندوق النقد الدولي إن جائحة الكورونا، في حال لم يتم التعامل معها بالشكل المناسب، قد تتسبب بحالة من عدم الاستقرار في بعض الدول، خاصة بسبب العبء الاقتصادي. هل أنت قلق حيال ذلك؟ وهل أنت قلق من استغلال المجموعات المتطرفة لهذا الوضع؟

جلالة الملك: أعتقد أنه من الواضح حول العالم أن المجموعات المتطرفة وآخرين من أمثالهم سيحاولون استغلال الوضع الحالي. كبلد تخطى الصدمات الإقليمية التي نتجت عن الحروب، وتعرض لتدفق اللاجئين بشكل كبير، وكبلد قليل الموارد يعمل على برنامج إصلاحات صارم مع صندوق النقد الدولي فيما نحاول معالجة الوضع الاقتصادي، فإن هذا بالطبع مصدر كبير للقلق. ولكن، مع ذلك، رأينا جانبا من مجتمعنا قد نتمكن من خلاله من توفير الدعم في المنطقة، وأعتقد أن التحدي أمام جميع الدول هو أن نرى إمكانية اتخاذ الإجراءات السليمة بالنسبة للاقتصاد. وهناك مخاطرة في البدء بالانفتاح بشكل تدريجي، فنحن ندرك أنه قد يؤدي إلى التراجع بضع خطوات إلى الوراء، ولكن مع تحد من هذا النوع، أعتقد أنه من الأفضل أن نكون سريعي الاستجابة والتأقلم. لذا، فنحن نتعلم من خطأ الأمس لنقوم بما هو صحيح اليوم، كما أننا نطلب المرونة من مؤسساتنا وشعبنا، لنتمكن في المستقبل من مواجهة أية تحديات لم نكن نتوقع ظهورها.

برينان: هل تحدثت مع الرئيس الصيني أو طلبت المساعدة منه؟

جلالة الملك: لا، لم أتحدث إليه، لكنني تواصلت مع عدد من قادة دول العالم. في البداية، تحدثت مع أخي العزيز سمو الشيخ محمد بن زايد، حينها اتصل بي وسألني عما إذا بإمكانه تقديم المساعدة. وكان لدينا مشكلة في شرائح الاختبار، كما قام جاك ما، من مؤسسة علي بابا، بالتبرع للأردن بمائة ألف شريحة اختبار، الأمر الذي ضاعف قدرتنا على الفحص بثلاثة أضعاف بين ليلة وضحاها. وتلقينا دعما من عدد كبير من الأفراد والدول، ونحن بدورنا قدمنا الدعم لهم، وهذا ما أتمنى أن يتعلمه الجميع، فها هي الطبيعة تلقننا جميعا درسا قاسيا. هل نحن كجنس بشري وكشعوب نملك الوعي الكافي لندرك أهمية الاستجابة بالطريقة الصحيحة لخدمة الإنسانية ونتأكد أن الجميع يتلقى الرعاية؟ لأن من يمتلك الموارد الكثيرة ومن يفتقر إليها سيعاني بنفس القدر، وإن لم نستطع أن نصل لمن هم بحاجة للرعاية، فإن علينا في هذه المرحلة أن نفعل ما هو صواب لمساعدة الجميع، على الرغم من محدودية إمكاناتنا، لأننا جميعا نواجه تحديا مشتركا.

برينان: جلالة الملك، شكراً على وقتك.



جلالة الملك: شكرا جزيلا، مارغريت.