المبادرات الملكية: خط استجابة فورية للتنمية
خلال زياراته المتكررة للمحافظات والبلدات والقرى والبوادي الأردنية والمخيمات، لاحظ جلالة الملك، في بداية عهده، أن الإجراءات الحكومية في الاستجابة لمطالب المواطنين التي يعرضونها خلال لقاءاته بهم تتطلب وقتا طويلا، وينسحب ذلك على التوجيهات الملكية في القضايا التنموية. ونظرا لأن طبيعة العمل في المؤسسات الحكومية تحتاج أحيانا إلى المزيد من الوقت والإجراءات، فقد وجّه جلالته الديوان الملكي الهاشمي بأخذ زمام المبادرة وتولي القضايا التنموية العاجلة.
في عام 2006 تمت مأسسة المبادرات الملكية تخطيطا وتنفيذا في إطار السعي نحو تحقيق التكامل بين الجهود والخطط التنموية الحكومية، بإيلاء جميع المناطق اهتماماً ورعاية. وفي العام نفسه، شُكلت "لجنة لمتابعة تنفيذ مبادرات جلالة الملك" في الديوان الملكي الهاشمي، أعقبها إنشاء إدارة متابعة تنفيذ المبادرات الملكية التي تعنى بالإشراف على متابعة تنفيذ المبادرات الملكية، والتنسيق والتعاون مع المؤسسات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني الشريكة، وفق رؤية واضحة وجداول زمنية محددة.
أخذت المبادرات الملكية بعين الاعتبار التباين في الميزات والاحتياجات بين المناطق المستهدفة، وبالتالي السعي نحو تمكين الفئات الأشد فقرا، بمن فيهم النساء والأطفال والشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، ليصبحوا عناصر فاعلة في المجتمع.
وتركّز المبادرات الملكية، التي أصبحت تشكل نموذجا ملهما في العمل التنموي، على دعم المشاريع التنموية الإنتاجية والتشغيلية، وتشجيع إنشاء المشاريع الصغيرة المدرّة للدخل؛ للنهوض بواقع المجتمعات المحلية، وإحداث نقلة نوعية فيها، وتفعيل طاقات أبنائها وبناتها.
وتشمل المبادرات الملكية العديد من القطاعات الحيوية، منها: الصحة، والتعليم، والزراعة، والسياحة، وتمكين المرأة، والشباب، والرعاية الاجتماعية. وهي تستهدف تقوية أدوات العمل المؤسسي لرعاية المحتاجين والأسر العفيفة، والتنمية الاقتصادية، وتعزيز المشروعات الإنتاجية المدرّة للدخل، والنهوض بواقع البنى التحتية في القطاعات الخدمية، وإنشاء الحدائق والمتنزهات والملاعب والمراكز الشبابية والقاعات متعددة الأغراض، وكذلك تمكين الجمعيات الخيرية والتعاونية ومؤسسات المجتمع المدني، خصوصا الفاعلة والمتميزة، وتعزيز دورها في تنفيذ المشاريع الإنتاجية والتشغيلية، بوصفها شريكا فاعلا في العمل الإنساني والخيري.
ومن نماذج المبادرات الملكية: مبادرة مساكن الأسر العفيفة، التي أطلقت عام 2005، وهي تجسيد للجهد الملكي الموصول لرعاية هذه الأسر وتوفير الحياة الكريمة لها في بيئة آمنة وصحية. وكذلك المبادرة الملكية لتمكين الأسر العفيفة وذوي الدخل المحدود التي تسعى إلى دعم هذه الفئة عبر تمكينها من إقامة مشاريع إنتاجية صغيرة مدرّة للدخل تسهم في تحسين مستوى معيشتها، لإحداث تغيير اجتماعي ثقافي وتعزيز ثقافة الاعتماد على الذات.
وفي مجال التعليم، أطلقت المبادرات المَكية العديد من المشاريع، من أبرزها إنشاء مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز، التي انتشرت في كل المحافظات وتعمل على رعاية الطلبة الموهوبين والمتميزين، وتوفير البيئة التعليمية الحاضنة لإبداعاتهم وتنمية قدراتهم. كما انطلقت مبادرات عدة استهدفت المعلمين وتحسين البيئة التعليمية.
أما المبادرات الملكية المتعلقة بالقطاع الصحي، فتضع بالاعتبار النهوض بواقع الخدمات الصحية التي يتم تقديمها للمواطنين، خصوصا في المناطق النائية، حيث يتم بناء وإعادة تأهيل العديد من المراكز الصحية، إضافة إلى المساهمة في بناء المستشفيات وتزويدها بالمعدات والأجهزة الطبية اللازمة.
ومن المبادرات الملكية أيضا: مبادرة طرود الخير الهاشمية، ومبادرة الفروع الإنتاجية، ومبادرة المشروعات الزراعية (جذور)، ومبادرات تتعلق بالقطاع الصحي، وأخرى تتعلق بإنشاء أندية للمتقاعدين العسكريين، و"حملة الأضاحي"، التي انطلقت بتوجيهات ملكية عام 2004، وتستهدف الأسر العفيفة والفقيرة في مختلف مناطق المملكة، ودار الضيافة للمسنّين، وكذلك توزيع البطاقات الممغنطة المدفوعة مسبقاً، والتي تسعى إلى تحسين المستوى المعيشي للفئات المجتمعية المستهدفة، وتمكينها من تلبية احتياجاتها الأساسية.
قامت المبادرات الملكية على نهجين أساسيين؛ يرتبط الأول بالبنى الاجتماعية والهيئات والمنظمات والمؤسسات الحكومية، وتعزيز الشراكة معها للنهوض بواقع البنى التحتية والخدمية في المجتمعات المحلية، وتحسين الظروف المعيشية للفئات المستهدَفة. بينما يرتبط النهج الثاني بإحداث تغيير في اتجاهات الأفراد وسلوكهم، واستثمار قدراتهم وطاقاتهم في خدمة مجتمعاتهم المحلية، وتعزيز دورهم في مسيرة التنمية المستدامة، من خلال تهيئة البيئة المناسبة.