حيثما يكون الواجب نكون
في ظهيرة يوم 26 تموز 2006 بينما كانت الحرب مستعرة على لبنان جراء العدوان الإسرائيلي وبيروت محاصرة بالنار والحديد وقد خرج مطارها المدني الوحيد عن الخدمة على إثر القصف، كان جلالة الملك عبدالله الثاني يلقي كلمة في افتتاح "ملتقى كلنا الأردن"، ثم توقف فجأة ونظر إلى ساعته ليعلن أمام الجميع عن كسر الحصار على لبنان بوصول أول طائرة لسلاح الجو الأردني الملكي تقلّ مجموعات من سلاح الهندسة لإعادة فتح مطار بيروت، تبعتها ثلاث طائرات تحمل مستشفى ميدانياً ومعدات طبية لمعالجة ضحايا العدوان الإسرائيلي وتواصل الجسر الجوي الأردني لإغاثة الأشقاء. تلك لحظة تاريخية صاغها الأردن وسجّلها العالم؛ فقد كان الأردن دوماً أول الحاضرين في اللحظات الصعبة والأسرع في إغاثة الملهوفين أينما كانوا.
لقد جسّد الأردن الرسمي والشعبي وفي المقدمة الجيش العربي نموذجاً في إغاثة الملهوفين، والتخفيف من ويلات الحروب ومداواة جروحها، ورفع الظلم عن الشعوب، كان الأردن دوماً حاضراً حيثما يكون الواجبُ وكلّما سمع نداء استغاثة أو صرخة جريح، وتمثل ذلك من خلال المستشفيات الميدانية الأردنية التابعة للخدمات الطبية الملكية.
أرسل الأردن مستشفيات ميدانية ومحطات جراحية إلى 25 دولة شقيقة وصديقة ومناطق منكوبة خلال الربع الأول من القرن الحالي منها؛ العراق وليبيا أرتيريا وسيراليون وليبيريا وبوروندي والكونغو وباكستان وإندونيسيا وإيران وجزر المالديف وطاجكستان ومدن فلسطينية، وبلغ مجمل المشاركات من المرتبات العسكرية الأردنية من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين ما يزيد عن 58 ألف مشارك.
في عام 2003 أنشأ الأردن أول مستشفى ميداني في العراق، والذي عالج خلال العامين الأولين من عمله حوالي نصف مليون مواطن عراقي. وفي وقت قريب أرسل الأردن أربع مستشفيات ميدانية في مناطق صراعات إفريقية تحت مظلة الأمم المتحدة. وفي نهاية عام 2011، أنشأت القوات المسلحة الأردنية المستشفى الميداني الأردني في ليبيا.
وفي ظروف صعبة عاشها لبنان بعد الانفجار الكبير الذي تعرض له مرفأ بيروت عام 2020، أمر جلالة الملك بإرسال مستشفى ميداني متكامل يلبّي الاحتياجات الطارئة والعمليات الكبرى والصغرى.
ويعدّ المستشفى الميداني الأردني في غزة أول مستشفى عربي يحطّ في القطاع، إذ وصل في 26 كانون الثاني 2009، أي بعد فرض الحصار على غزة بثلاث سنوات، واستمرت التوجيهات الملكية بإرسال البعثات الطبية حتى وصل عددها إلى 77 بعثة. ومع اشتداد الحرب على غزة عام 2023 تم إنشاء المستشفى الميداني الأردني الثاني في خان يونس، والذي أشرف على نقله الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، إضافة إلى المستشفيات التي تم إرسالها إلى مدن الضفة الغربية وآخرها المستشفى الميداني في نابلس.
من جانبها، أسهمت "الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية للإغاثة والتنمية والتعاون العربي والإسلامي" في تقديم العون والمساعدات للملايين من البشر في عشرات الدول، وتعمل الهيئة على إظهار وجه الأردن الإنساني بالأفعال على الأرض والوصول إلى الملهوفين حيثما كانوا.