مأسسة عمل المبادرات الملكية

29 تشرين الأول 2024

خلال زيارات جلالة الملك المتكررة للمحافظات والبلدات والقرى والبوادي الأردنية والمخيمات، لاحظ جلالته في بداية عهده، أن الإجراءات الحكومية في الاستجابة لمطالب المواطنين التي يعرضونها خلال لقاءاته بهم تتطلب وقتاً طويلاً، وينسحب ذلك على التوجيهات الملَكية في القضايا التنموية. ونظراً لأن طبيعة العمل في المؤسسات الحكومية تحتاج أحياناً إلى المزيد من الوقت والإجراءات، فقد وجّه الملك الديوانَ الملكي الهاشمي بأخذ زمام المبادرة وتولي القضايا التنموية العاجلة.

ولذلك شُكلت في العام 2006 "لجنة لمتابعة تنفيذ مبادرات جلالة الملك" في الديوان الملكي الهاشمي، أعقبها إنشاء إدارة متابعة تنفيذ المبادرات الملَكية التي تعنى بالإشراف على متابعة تنفيذ المبادرات الملكية، والتنسيق والتعاون مع المؤسسات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني الشريكة، وفق رؤية واضحة وجداول زمنية محددة.

أخذت المبادرات الملَكية، بعين الاعتبار، التباين في الميزات والاحتياجات بين المناطق المستهدَفة، وبالتالي السعي نحو تمكين الفئات الأشد فقراً، بمن فيهم النساء والأطفال والشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، ليصبحوا عناصر فاعلة في المجتمع.

وتركّز المبادرات الملَكية، التي أصبحت تشكل نموذجاً ملهماً في العمل التنموي، على دعم المشاريع التنموية الإنتاجية والتشغيلية، وتشجيع إنشاء المشاريع الصغيرة المدرّة للدخل؛ للنهوض بواقع المجتمعات المحلية، وإحداث نقلة نوعية فيها، وتفعيل طاقات أبنائها وبناتها، لخدمة مجتمعاتهم خصوصاً القطاع الشبابي، فهم شركاء فعليون في عملية التنمية وتحديد مساراتها في مجتمعاتهم وبما يراعي خصوصية كل منطقة وميزاتها.

وتشمل المبادرات الملَكية العديد من القطاعات الحيوية، منها: الصحة، والتعليم، والزراعة، والسياحة، وتمكين المرأة، والشباب، والرعاية الاجتماعية. وهي تستهدف تقوية أدوات العمل المؤسسي لرعاية المحتاجين والأسر العفيفة، والتنمية الاقتصادية، وتعزيز المشروعات الإنتاجية المدرّة للدخل، والنهوض بواقع البنى التحتية في القطاعات الخدمية، وإنشاء الحدائق والمتنزهات والملاعب والمراكز الشبابية والقاعات متعددة الأغراض، وكذلك تمكين الجمعيات الخيرية والتعاونية ومؤسسات المجتمع المدني، خصوصاً الفاعلة والمتميزة، وتعزيز دورها في تنفيذ المشاريع الإنتاجية والتشغيلية، بوصفها شريكاً فاعلاً في العمل الإنساني والخيري.

ومن نماذج المبادرات الملَكية: مبادرة مساكن الأسر العفيفة، التي أُطلقت عام 2005، ومبادرات دعم الجمعيات الخيرية والمراكز والمؤسسات التي تعنى برعاية الأيتام والمسنّين وذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة، عام 2011، وإنشاء مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز، وتأهيل دور رعاية المسنين، وطرود الخير الهاشمية، والمشروعات الزراعية (جذور)، وإنشاء أندية للمتقاعدين العسكريين، و"حملة الأضاحي"، وتوزيع البطاقات الممغنطة المدفوعة مسبقاً، والتي تسعى إلى تحسين المستوى المعيشي للفئات المجتمعية المستهدَفة، وتمكينها من تلبية احتياجاتها الأساسية.

قامت المبادرات الملَكية على نهجَين أساسيَّين؛ يرتبط الأول بالبنى الاجتماعية والهيئات والمنظمات والمؤسسات الحكومية، وتعزيز الشراكة معها للنهوض بواقع البنى التحتية والخدمية في المجتمعات المحلية، وتحسين الظروف المعيشية للفئات المستهدَفة. بينما يرتبط النهج الثاني بإحداث تغييرٍ في اتجاهات الأفراد وسلوكهم، واستثمار قدراتهم وطاقاتهم في خدمة مجتمعاتهم المحلية، وتعزيز دورهم في مسيرة التنمية المستدامة، من خلال تهيئة البيئة المناسبة.